كلمة الشيخ ماهر حمود في حفل تأبين الشيخ أحمد الزين

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيد الأنام محمد رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

في احتفال يختتمه سماحة قائد المقاومة هو احتفال يختلف عن بقية الاحتفالات، والذي يجرؤنا على الكلام في حضرة سماحته أننا سنتكلم بإذن الله تعالى بالقرآن الكريم، والقرآن الكريم فوقنا جميعا، (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون)، كأني بك سماحة الراحل بقامتك الرشيقة وصوتك الرخيم الجهوري، تقف أمام الأمة، كل الأمة، تنطق بالقرآن الكريم، ومن سورة الشورى تحديدا بقولك: (فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير)كأنك من عليائك تخاطب الأمة، وتقول: أين أنت أيها الأمة، كلامي (كلامه)، موقفي، توجيهاتي، نصائحي، يجب أن يصدر مثلها من الأزهر الشريف، من جامعة أم القرى في مكة، من الجامعة الإسلامية في المدينة، من جامعة الزيتونة، من لكنو في الهند من أي حاضرة إسلامية، لماذا نحن نخبة قليلة من الرجال في هذا الخضم من الفساد والضلال، لماذا أمة المليار والنصف غثاء سيل لا قيمة لهم في المحافل الدولية ولا قيمة لملوكهم عند الشعوب ولا قيمة للشعوب نفسها بين بعضها البعض، أمة تشرذمت ضاعت والقيادة كما تفضل شيخنا واضحة بعد تجربة مريرة، هل هنالك غيرها، دلوني أيها المسلمون من يقودكم، أين هنالك مكان في العالم الإسلامي يمكن أن يتخذ فيه قرار يخالف الاستكبار الأمريكي والمؤامرات الصهيونية ولا يأيأبه للمعادلات الدولية إلا في إيران، هلا هنالك مكان واحد مدينة واحدة في العالم الإسلامي جامعة واحدة حزب واحد يستطيع أن يتخذ قرارا فيه زوال إسرائيل فيه النقاط على الحروف، مصيبتنا من الشيطان الأكبر سلبت قرارنا سلبت ثرواتنا، سلبت ديننا، تغلغلت في الجسد الإسلامي، أنتجت داعش أنتجت النصرة، أنتجت أحزابا كبيرة جدا لا تستطيع أن تخوض انتخابات إلا بأمر من واشنطن، ولا تستطيع أن تستمر في حكم إلا إذا أذنت واشنطن، أيها الأمة لقد آن الوقت لليقظة، لقد آن الوقت للانقلاب على هذا التاريخ العفن، على هذا التاريخ الأسود الذي يناقض القرآن ويناقض الإسلام ويناقض العقل السليم، بل ويناقض حتى مروءة الجاهلية وشجاعة الجاهلية، ليس لنا من الإسلام شيء، ولا من العروبة شيء ولا من حقوق الشعوب شيء، لماذا ضيعنا أنفسنا ومكن يقف بيننا ليدلنا على الطريق، فإننا نفعل كما يفعل قوم نوح، (وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا (7) ثم إني دعوتهم جهارا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9))، في كل الأساليب، دعونا العالم لهذه اليقظة، ولا تزال الإرادة الإسلامية مسلوبة مسروقة، لا تزال ممحوة إلا قرار المقاومة، ومن ينتمي إليها بالانتماء العسكري أو الثقافي أو الديني أو البعد الاستراتيجي، فقط هذا المحور هو المستقل في أمتنا، أيها الشيخ الراحل الكبير أتساءل وإياك هل وصلنا إلى مرحلة وكأننا نستمع فيها إلى الوحي القرآني، يخاطب نوحا عليه السلام: (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36هود)   لا لن أصدق أننا وصلنا إلى مرحلة نيأس فيها من هذه الأمة المترامية الأطراف، ونكتفي بأفراد من هنا وهنالك، يسيرون في هذا الخط فيما الأمة في غياهب الظلام والانحراف تتخطى وتتقلب من انحراف إلى آخر ومن ضلال إلى آخر، لكننا بإذن الله تعالى ننتظر شيئا ما يخبئه القدر العظيم اللطيف بعباده، هذا القدر الذي سيصدم الأمة، ويفهم الجميع أن هذه الثلة من البشر القلة أمام هذه الأمة المترامية الأطراف إنما هم على الحق، كما سيقول يوما ما أهل الأعراف لأهل النار، ينظرون لأهل النار وهم كثرة، وينظرون لاهل الجنة الذين كانوا موضع سخرية واتهام: وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)، أيها الإخوة، ولا يضير شيخنا أنه لم ير المسجد الأقصى محررا، فهذا حصل لمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي خاطبه ربنا مرات، (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)، لم يعده بأن يرى الأقصى محررا وإن كانم أسري به إليه، ولا اليرموك ولا القادسية، كل ذلك حصل بعد وفاته بسنوات قليلة، هكذا قدر الله تعالى، وإن كنت أمني النفس أن يتجاوز التسعين بسنوات، لنرى والله أعلم جميعا تحرير الأقصى، ولكن هذا لا ينقص من أمنيته اليومية التي كان يرددها ويبكي أمام شبابنا ويقول: ماذا سنقول إذا سألنا الله عن المسجد الأقصى، لعله قال هذا الكلا أياما، صلينا العشاء مساء الاثنين والثلاثاء كانت الفاجعة، لم يكن الأمر سهلا، كانت مفاجئة مؤلمة، ولكن حسبنا أنه حضر لكل لحظة، لم يتغيب عن صلاة جماعة طالما هو قادر، لم يترك المصحف في كل لحظة من لحظاته، من لحظات صفائه وغيرها، لم يتغير سلوكه، التواضع أوشكت أن أقول كان قرآنا يمشي، عندما تعرض لأذى لا تحتمله الجبال، وأنا أعني ما أقول، أذى نفسي، وهو الحساس جدا، ولكن وكأنه يقرأ دائما قوله تعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (63)، ( لا حجة بيننا وبينك، والله يجمع بيننا وإليه المصير)، سيجمع بيننا يقينا والله أعلم عند مليك مقتدر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، هذا حسن الظن بالله، وأنا عند ظن عبدي بي، إن خيرا بخير وإن شرا بشر، هذا حسن الظن في مكانه قريبا سنلتقي، على ما وعد اللهعظم الله أجوركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة