موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة: بتاريخ 3 جمادى الاولى 1445هـ الموافق له 17 تشرين الثاني 2023م : لمن الطاعة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 3 جمادى الاولى 1445هـ الموافق له 17 تشرين الثاني 2023م
لمن الطاعة؟
سمعنا في الأيام الأخيرة كثيرا من التسجيلات والمدونات تزعم أنها تصحح الموقف الشرعي للمجاهدين من أهل غزة، وهم كاذبون، هؤلاء هم وعاظ السلاطين و”علماء” البلاط الذين باعوا دينهم بديناهم واشتروا الدنيا وباعوا الآخرة، بل باعوا دينهم بدنيا غيرهم وكذبوا على ربهم : (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)) (يونس).
إن كذب هؤلاء يظهر من خلال قراءتنا للآيات بشكل كامل دون اجتزاء:
أولا: تبدأ الآيات بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) (النساء – 58)، هذا أمر لأولي الأمر، أن يؤدوا الامانات إلى أهلها وأن يعدلوا كشرط لأن يطيعيهم الناس، فهل تُؤدي الأمانات؟ أين عائدات النفط وكيف يتم صرفها؟ أين العدالة والإنصاف بين الناس؟، لماذا خيار العلماء في السجون، وآخرون يمنعون من الخطابة والظهور في وسائل الاعلام؟ …الخ.
لقد اعترض إعرابي على سيدنا عمر عندما قال: اسمعوا واطيعوا، قائلا له: لقد ميزت نفسك بقطعة قماش من الغنيمة التي وزعتها علينا، فلما بيّن له سيدنا عمر أن ولده عبدالله أعطاه نصيبه من القماش فوصل القطعتين، عند ذلك قال الاعرابي: الآن نسمع ونطيع، فكيف إذا قمنا بمقارنة بين هذا الموقف وسلوك واداء حكامنا اليوم؟.
ثانيا: لو كانت طاعة أولي الأمر منفصلة، لقال تعالى (واطيعوا أولي الامر منكم)، ولكنه لم يكرر كلمة أطيعوا ليؤكد أن طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله وطاعه رسوله، وليست مستقلة، فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ … ) (النساء – 59)، ويؤكد بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :لا طاعة مخلوق في معصية الخالق.
ثالثا: ختمت الآيات المشهد بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (النساء – 59).
يعني عند الاختلاف نحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، وليس إلى السجون والمعتقلات والإرهاب والتنكيل والنفي … الخ.
من هنا الفارق الكبير بين الآيات الكريمة وبين التفسير المجتزأ الذي يشوه الحقيقة ويفسد المعنى، هذا فضلا عن الأحاديث الكثيرة التي تأمر بمواجهة الحاكم الظالم: سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتل (مجمع الزوائد 269/7)، أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر (رواه النسائي برقم 4220).
رابعا: اما المُفتَتَن الفتان الذي اعتبر ان ما يحصل في فلسطين فتنة تدفع الناس لمعصية اولي الأمر، عنيت (عبد الرحمن السديس)، وكان سابقا قد بارك العدوان على اليمن وعلى سوريا وغيرهما، فلقد ردت عليه الآيات الكريمة (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) ) (القلم).
ونقول له: لن يكون معك الامير يوم القيامة ولا الملك، ولو كانا معك لما نفعاك، احرص على طاعة الله وليس طاعة “ولي الامر” الذي يعصي ربه ويستخف بأبسط المسلمات الاسلامية.
ومن جهة اخرى، فاننا نتوجه للقاعدين والمثبطين بقولنا: إياكم أن تظنوا أنكم باعتزالكم الجهاد والمشاركة بالمقاومة بما تستطيعون، لا تظنوا أنكم ستكونون بمأمن، فإن عذاب الله سيأتيكم، وقد يكون أشد العذاب في الدنيا هو شعوركم بالذل والهوان واستخفاف الناس بكم… أما يوم القيامة فسيكون العذاب أشد وأنكى، أما المجاهدون، حتى من فقد منهم عائلته وبيته وكل ما يملك، فإن شعور العزة والكرامة يعوض عن كل خسارة، فضلا عن نعيم رب العالمين الموعود.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 17-11-2023: https://youtu.be/vicYpqqPDsU