موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة: بتاريخ 9 ذو القعدة 1445هـ الموافق له 17 ايار 2024م 17: ايار كأنه اليوم

بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 9 ذو القعدة 1445هـ الموافق له 17 ايار 2024م
17 ايار كأنه اليوم
‏نستذكر اتفاق 17 ايار 1983 المشؤوم وكأنه اليوم، لان الاحداث تتشابه، فلقد كان كثيرون يروجون لهذا الاتفاق، تحت عنوان، لا يوجد افضل من ذلك، وآخرون تصرفوا كأنهم ممثلون للاحتلال وكأنهم يشمتون بالمقاومة الفلسطينية ويذكرّون بأخطائها، وآخرون بشروا “بالعصر” الاسرائيلي القادم، وكأنه خلاص من المشاكل على انواعها.
ان المدة التي ظل فيها هذا الاتفاق المزعوم قيد التداول السياسي هي تسعة اشهر فقط، لقد شكل اعتصامنا في مسجد بئر العبد، التحرك السياسي الوحيد في لبنان، ولكن الذي اسقط الاتفاق هو المقاومة العسكرية التي استطاعت في 6 شباط 1984 ان تفصل اللواء السادس، الذي كان مكلفاً بأمن بيروت وما حولها، عن قيادة امين الجميل، بحيث اصبحت سلطته لا تتجاوز قصر بعبدا، وبالتالي لم يعد قادراً على تنفيذ الاتفاق.
وكان للانفجارين المميزيْن في مركز المارينز قرب المطار، والمظليين الفرنسيين في الجناح في 23-10-1993، الاثر الكبير في اسقاط الاتفاق، من دون ادنى شك، كما لكثير من التحركات السياسية اللاحقة.
وعندما سقط الاتفاق، تبرع المروجّون لهذا الاتفاق بتقديم انفسهم كمعارضين وطنيين ساهموا باسقاط هذا الاتفاق، وقالوا لقد ولد ميْتاً، وساهموا في مراسم الدفن، بل تقدموا الصفوف وكأنهم هم الذين اسقطوا الاتفاق .
هذه الحالة تتكرر دائماً، تكررت عند التحرير عام 2000، كما تكررت قبل ذلك عند التحرير الاول عام 1985، واليوم ستتكرر، هذا الكم الهائل من الرسميين في بلاد العرب وغيرها، الذين يُنظّرون للاحتلال ويؤكدون التصنيف الاميركي الصهيوني ويصفون المقاومة بكافة فصائلها بأنها ارهاب، ويحاولون اقناع الرأي العام بأن الحل في الدولتين، ويتحدثون عن اليوم الآخِر، اي ما بعد العدوان، ويطرحون طروحات وهمية حول كيفية الحلول، مثل هؤلاء كانوا موجودين ايضاً قبل سقوط اتفاق 17 ايار.
نحن نقول اليوم، وغداً، كما قلنا بالامس القريب والبعيد، ان الحل هو المقاومة، خاصة على ضوء ما قدمته وتقدمه من صمود واعداد واستعداد ودقة ودراية بأحوال العدو … الخ، لقد اعترف العدو قبل الصديق بان عملية 7 اكتوبر غيرت مجرى التاريخ وفتحت ابواب المستقبل.
لقد حذرنا تعالى من المنافقين الذين يتربصون، اي يتنظرون نتائج الاحداث فيقفون مع المنتصر، دون اي اعتبار للمبادئ او للاخلاق، او للوطنية، وحذر من هذا الموقف الذي يؤدي الى الذل في الدنيا، والعذاب في الآخرة:
﴿ وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا﴾ (النساء – 72)، ﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ (النساء – 141).
هذا في الدنيا، اما الآخرة فالوصف جاء في سورة الحديد: ﴿یُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِیُّ حَتَّىٰ جَاۤءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ﴾ (الحديد – 14).
تأتي الملائكة وتواكب المؤمنين الصادقين الى الجنة ورضوان الله، اما المنافقون فيطالبون بأن يكونوا في هذا الموكب، فتذكّرهم الملائكة بأنهم ارتابوا وتربصوا وغرتهم وعود الاعداء، فلا يحق لهم ان يكونوا في موكب المؤمنين.
نحن مع المقاومة، مع الجهاد، مع الحق عندما يكون ضعيفاً يكابد في وجه الباطل، وكذلك عندما ينتصر، لا يتغير موقف اصحاب المبادئ، والمؤمنين بتغير الظروف.

لقد كان بمقدور الرئيس الفلسطيني في مؤتمر البحرين ان يؤكد مثلا، ان رد الفعل الاسرائيلي على عملية طوفان الاقصى، كان مبالغاً فيه، ولا يتوافق مع حجم الخسارة الاسرائيلية، وان التدمير والابادة صفة ملازمة للصهيونية، او لبعض الصهاينة، حتى لا يُحرج نفسه امام (حلفائه)، أما ان يقول هي عمل فردي قامت به حماس دون التشاور مع احد، فأمر يدعو الى السخرية، هل ستستشيره حماس ليصل الخبر الى الصهاينة، إن الحلفاء في محور المقاومة لم يتم التشاور معهم، فكيف يتم التشاور مع التنسيق الامني مع المحتل، فأي كلام هذا الكلام؟.
على كل حال، لم يكن أحد يتوقع من القمة العربية اي خير، بل كنت اخشى ان تتحول الكلمات الى ادانة لحماس وللمقاومة، عوضاً ان تتم ادانة العدوان الصهيوني، الحمدلله ان هذا لم يحصل، كما كنا نتمنى الا يحضر الرئيس السوري، لانه ليس من طينة هؤلاء الملوك والامراء والرؤساء، انه رئيس مقاوم تم تدمير بلده لانه رفض الحل الاميركي، كما دعم المقاومة بكل ما اوتي من قوة، وكان صمته، على كل حال، ابلغ من الكلام.
وفي نهاية الامر نقول للمتربصين والمنافقين والمذهبيين والمستسلمين والمشككين بالمقاومة نقول لكل هؤلاء: نحن الحق وانتم الباطل، نحن الاسلام وانتم النفاق، نحن الخير وانتم الشر، نحن الاستقامة وانتم الانحراف، نحن القرآن وانتم الاوهام، نحن النصر وانتم الهزيمة، نحن العز وانتم الذل، نحن القدس وفلسطين وانتم تل ابيب وواشنطن.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 17-5-2024: https://youtu.be/ex5hroymt3g

مقالات ذات صلة