موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة: بتاريخ 5 صفر 1446هـ الموافق له 9 اب 2024م: هرمجدون وأوهام أخرى
بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 5 صفر 1446هـ الموافق له 9 اب 2024م
هرمجدون وأوهام أخرى
وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع خطيباً وقال: ان الزمان قد استداركهيئته يوم خلق السماوات والارض، وكأنه أوحى بأن تغيراً جذرياً حصل في الكون مترافقاً مع ذلك الزمن الاستثنائي، وهو قبل حوالي ثلاثة اشهر من وفاة سيد الانام محمد صلى الله عليه وسلم.
واليوم نستعير هذا اللفظ لنقول ثمة تغير جذري يحصل في مسيرة التاريخ المعاصر، هذا الصمود الاسطوري والاعداد الاستثنائي والصبر والمصابرة، في غزة وسائر فلسطين ودول المحورالصامد، ومن جهة اخرى، تخلف وخيانة وتواطؤ مع العدو الصهيوني والاستكبار الاميركي، لم يحصل مثله قبل الآن في العالمين الاسلامي والعربي، في مقابل قدرة هائلة واستثنائية هائلة للكيان الصهيوني في استنفار العالم وفقاً لقوله تعالى:
(ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)) (الاسراء).
يستطيع نتنياهو ان يخالف الرغبات الاميركية، بل ان يجر العالم كله ليخدم اهدافه التدميرية العنصرية الدنيئة.
نحن على ابواب النصر المبين باذن الله، استشهاد هنية، وردة الفعل العارمة في كافة انحاء العالم الاسلامي ثم انتخاب يحيى السنوار بالاجماع والترحيب باختياره من الجميع علامة فارقة على طريق النصر.. التاريخ يتغير، عندما يستطيع محور المقاومة، والمقاومون الابطال في فلسطين ان يقدموا هذا الاداء المثالي في الصمود، (كمين الفراحين) كمثل بسيط، نستطيع ان نؤكد، ان تغيراً حقيقياً يحصل في مسيرة التاريخ، زوال اسرائيل اصبح قريباً ولكن، والله اعلم، لا بد من محطة مؤلمة، تسبق هذا التاريخ.
ومن هنا حتى يأتي ذلك التاريخ لا بد من ان نؤكد على ثلاث نقاط، والله تعالى اعلم بها:
- زوال اسرائيل ليس مرتبطاً بالمهدي ( محمد بن عبد الله) حسب رواية اهل السنة او (محمد بن الحسن) على رواية الامامية، او بنزول المسيح عليه السلام او بأمور غيبية كبرى، والله اعلم، زوال اسرائيل على ايدي ابطال مثل ابطال الصمود الذين يواجهون اليوم، وان ابتعاث الله تعالى قائداً بحجم المهدي لازالة اسرائيل هو اعلاء من شأنهم، وهم الذين (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) وباؤوا بغضب من الله، ان شأنهم عند الله اقل من ان يبتعث الله من اجلهم قائداً بحجم المهدي.
- ان اسطورة هرمجدون التي يتحدث عنها بنو اسرائيل، لا يمكن ان تكون صحيحة: هم يقولون ان المسيح عليه السلام سينزل ويقتل اعداء بني اسرائيل في سهل مرج بن عامر، في الجليل، قرب (مجدو)، وهذا يستحيل ان يكون صحيحاً لان المسيح عليه السلام الذي يتحدثون عنه هو غير المسيح الذي جاء قبل الفي عام ونيف، وهم بروايتهم هذه يؤكدون على كفرهم بالمسيح عليه السلام ويبررون بقاءهم على الديانة اليهودية المحرفة.
- ينشر النصارى البروتستنات المتصهينون، المنتشرون في الولايات المتحدة الاميركية، ومنذ عقود من الزمن، ان يوم القيامة مرتبط بزوال اسرائيل فعلينا، كما يزعمون، ان نساهم في بقاء اسرائيل ودعمها، لان زوالها يعني زوال العالم كله.
وهذه اسطورة مرفوضة، ان علامات الساعة الكبرى التي ستظهر لاحقاً بعد زوال اسرائيل تحتاج الى قرون طويلة حتى تتحقق كلها، وفي ذلك تفصيل وشرح واسع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المؤسف ان ثمة جهات لبنانية تبذل قصارى جهدها لخدمة العدو الصهيوني، دون ان يتعلموا من التجارب السابقة، حيث تركهم العدو الصهيوني في خريف 1983 في الجبل يواجهون موتهم المحتوم امام اعدائهم، وكذلك عندما انسحب من شرقي صيدا في ربيع 1985 دون ان يخبر عملاءه بهذا الانسحاب، فكان التدمير وكانت المجازر.
كما ان من يجهل التاريخ القريب لا يحق له ان يتحدث عن 1400 سنة، ان جزين كانت بلدة شيعية حتى فتنة 1840، وكذلك كثير من المناطق في لبنان، تغير سكانها واهلها وفق الفتنتين الاكبر في تاريخ لبنان الحديث 1840 و 1860.
وان التاريخ الاسلامي ناصع فيما يعني الحفاظ على الوجود المسيحي، منذ فتوى الامام الاوزاعي المشهورة حوالي العام 137هـ، وصولا الى المطران غريغوريوس حجار الذي قصد الباب العالي في اواسط القرن التاسع عشر، ليبني كنيسة الكاثوليك التي لا تزال ماثلة اليوم في صيدا، ان وجود الكنائس والاديرة والمقامات الدينية المسيحية في قلب الجغرافيا الداخلية لكافة المدن الاسلامية الكبرى، اكبر دليل على الموقف الاسلامي الواضح من التعاون مع الاخوة المسيحيين والحفاظ على خصوصيتهم، وفي ذلك تفصيل نفصله في مناسبة اخرى ان شاء الله.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 9-8-2024: https://youtu.be/rU0f9NO8aHw