موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة: بتاريخ 27 ربيع الاول 1446هـ الموافق له 27 ايلول 2024م: اسئلة مشروعة
بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 27 ربيع الاول 1446هـ الموافق له 27 ايلول 2024م
اسئلة مشروعة
اولا: وقبل اي شيء، علينا ان ننوه بالمشهد الانساني الوطني الذي ظهر في لبنان، اثر اضطرار عشرات او مئات الالوف الى ترك بيوتهم من الجنوب الى بقية المناطق اللبنانية، لقد اظهر اللبنانيون تضامناً وتكافلاً يكاد يوازي حجم مأساة التهجير والتدمير، ولقد اخترقت بعض المشاهد المؤلمة والمسيئة هذا المشهد الايجابي، ولكنها دون ان تستطيع خدش هذا المشهد الايجابي.
نعم هنالك بعض المستغلين وبعض الفئويين وبعض المذهبيين، ولكنهم أقل من ان يشوهوا هذا المشهد.
ثانياً: هل نستطيع ان نتساءل: اين النصر يا ربنا؟ لماذا تمدهم في طغيانهم؟ اين وعدك القاطع؟ الجواب: نعم بتحفظ: ان من موجبات مشهد النصر ان يتساءل المؤمنون ومعهم النبي، بل الانبياء جميعاً، خلال مسيرتهم، عن النصر، لقد وصف الله المؤمنين قبل انتصار غزوة الاحزاب، النصر المؤزر الذي لا نزال نذكره في صلاة العيد، هزم الاحزاب وحده، وصفهم بقوله:
(إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) ) ( الاحزاب)
وفي سورة البقرة : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214))، وعن الانبياء جميعا (حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)) (يوسف).
وطبعاً، لا يجوز للانبياء والمؤمنين اليأس انه (… وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) (يوسف) ولكن (الاستيأس) كما سماه تعالى، درجة اقل من اليأس المحرم.
ثالثاً: هل يجوز للمقاومة ان تخوض حرباً غير متكافئة، وقادتها يدركون حجم البون الشاسع بيننا وبين العدو؟ نعم يجوز، كل المعارك التي انتصر بها المسلمون او غالبيتها، كانت قواها غير متكافئة: من غزوة بدر الكبرى، حيث كان المسلمون 314 مقاتلاً ليس معهم سوى سبعين بعيرا وفرسين فقط، وكان المشركون الفاً مدججين بالسلاح وكلٌ معه فرسه … الخ.
ثم لقد اخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان من 1400 من المسلمين ولم يكونوا مستعدين للقتال، كان سلاحهم بالكاد يكفي للصيد وللحراسة، اما في القادسية فقد كان المسلمون 30 الفاً، والفرس 200 الفاً ومعهم الفيلة واسلحة لم يعهدها المسلمون … الخ، اما في اليرموك فكانوا 36 الفاً، فيما كان الروم 240 الفاً، حطين 1200 من الفرسان وعدد من المشاة، فيما كان عدد جيش الفرنجة يتراوح بين اربعين الفاً الى ثمانين، مع اختلاف الروايات بين المؤرخين.
رابعاً: لقد تخلى العرب والمسلمون من خلال حكوماتهم والملوك والامراء عن فلسطين، فلماذا يلتزم محور المقاومة ومن يدعمه بفلسطين والمقاومة؟ رغم ما يتعرضون له من خسائر ودمار؟ الجواب: ان ترك الناس الصلاة، فهل يجوز لنا ان نتركها؟ وهكذا، هذا واجب لا يسقط عنا بتخلف الآخرين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)) (المائدة).
خامساً: ماذا عن الموقف الايراني وهذا التردد؟ والرد الذي لم يأت؟، اقول اولا: على الصعيد الشخصي فنحن على ثقة عالية بالموقف الايراني والالتزام بالاولويات، بعد تجربة زادت عن اربعين عاماً، اصبحت ثقتنا بالموقف الايراني راسخة لا يزعزعها شيء، فلو اننا رأينا، لا سمح الله، القائد بنفسه في البيت الابيض، لقلنا انما هو في موقف المنتصر وليس غير ذلك، ولا يمكننا ان ننقل هذه الثقة للجميع، خاصة وان طابوراً، خامساً، يُدفع له بسخاء من الجهات المعادية، دائبين على تشويه هذه الصورة، ولكننا في نفس الوقت نشارك الجميع عدم رضانا عن تصاريح الرئيس الايراني الجديد، الذي نراه غير مدرك لابعاد الصراع ولقوة المقاومة، وكأنه خبير في الشؤون الايرانية الداخلية، وليس على اطلاع على ابعاد المقاومة وقدراتها، ولا استبعد ان يكون مصيره كمصير ابو الحسن بني الصدر، ان ظل في هذا الاتجاه ؟!!!، عليه ان يصمت هو خير له من الكلام الذي ينتفع منه الاعداء، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً او ليصمت.
وبشكل عام، لقد اجاب سماحة السيد حسن عن هذا التساؤل، فقال: ليس مطلوباً من ايران ان تخوض الحرب مباشرة، وهي تقدم كل الدعم لمحور المقاومة، وليست بحاجة لان تثبت جديتها والتزامها الكامل بالمقاومة ومستلزماتها.
سادساً: لقد تحدث بعض الجهلة عن عقوبة الهية مزعومة طالت حزب الله، لانه قتل الاطفال والنساء والمسنين في سوريا، نقول ليت هؤلاء يستطيعون تسمية شخص واحد او بيت واحد من الابرياء قتله مقاتلو حزب الله خلال حربهم على التكفيريين، ولن يستطيع احد ان يستجيب لهذا التحدي، لقد قاتل حزب الله داعش والنصرة ومن يشبههما، ولقد بينا مراراً وتكراراً انهم جزء من الخوارج الذين مرقوا من الدين، وان صلاتهم وصيامهم وقراءتهم للقرآن الكريم لن تشفع لهم يوم القيامة، لانهم قتلوا بغير حق وسفكوا الدماء وكفروا الناس بغير مسوغ… الخ.
من يتطاول على المقاومة ويكثر في هذا الصدد، ليس الا صدى للعدو الصهيوني، لقد كان من قتال حزب الله في سوريا واجباً شرعياً قام به بالنيابة عن الامة، وان حصلت اخطاء، وهذا محتمل، فلن تغيّر من حقيقة الامر ولا من ايجابياته الكبرى.
سابعاً: هل سنرى النصر الذي تعدوننا به؟ ليس بالضرورة، لم يعد الله رسوله بأن يرى كل الوعد الالهي، بل قال: (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ (46)) (يونس)، (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77)) (غافر)، ولكن، والله اعلم، الوعد قريب جدا باذن الله، يسبقه ألم شديد وتضحيات جمة، والحمدلله على كل حال.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 27-9-2024: https://youtu.be/wouTiw4pG6k