موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة: بتاريخ 10 صفر 1443هـ الموافق له 17 ايلول 2021م: صبرا وشاتيلا … من جدي

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 10 صفر 1443هـ الموافق له 17 ايلول 2021م

صبرا وشاتيلا … من جديد

في الذكرى ٣٩ لمجزرة صبرا وشاتيلا المروعة، نعيد فتح الموضوع لارتباطه بالواقع المعاصر من جهات متعددة: سيقول كثيرون هذا فتح لدفاتر قديمة، او انه نكأ لجراح دملت، نقول اولا ليست دفاتر قديمة فلا تزال آثارها موجودة، كمان ان الجراح لم تندمل لان العقلية ذاتها لا تزال تحكم جزءا من المارونية السياسية بشكل خاص وبعض الطبقة السياسية بشكل عام، ولا يزال كثيرون يعتبرون بشير الحميل رمز الوطنية والاستقامة وبناء الدولة، رغم تعامله المدان مع العدو الصهيوني ورغم انه شكل الغطاء المسيحي للاجتياح الاسرائيلي المدمر.

وهنا نؤكد  ان المؤامرة مستمرة ، وقد تحدث بن غوريون علم ١٩٥٤ عن لبنان فقال: يكفيني ضابط ماروني واحد يتعامل معنا فنقيم منطقة عازلة في جنوبي لبنان ، تحدث عن هذا قبل 24 عاما على انشاء الشريط الحدودي ودويلة سعد حداد المزعومة، كما ان جزءا من رموز المارونية السياسية تعاملوا مع الصهيونية قبل العام ١٩٤٨ وبعده، والرمزان البارزان لذلك هما البطريرك عريضة والمطران مبارك، مطران بيروت، كانا يجاهران بان لبنان دولة مارونية في مقابل فلسطين دولة صهيونية، ضمن فكرة تحالف الاقليات التي روج لها الاستعمار الحديث، كما انه، وللاسف، فقد طلب بيار الجميل، مؤسس حزب الكتائب، من الصهاينة مساعدة مادية لانتخابات ١٩٥١، طلب عشرة الاف دولار فارسلت له اسرائيل ثلاثة الاف فقط، لماذا يطلب العون من اسرائيل عام ١٩٥١ حيث لم يكن هنالك مقاومة فلسطينية يخشونها او قومية عربية تخيفهم؟؟؟.

هنا نقف عند فكرة الوطن البديل التي خاضت تحتها المليشيات المسيحية حربا ضروسا  مبررة الى حد كبير من جانب من الجوانب، ذلك انهم كانوا قد أُوهموا ان هنالك قرارا دوليا باعطاء لبنان للفلسطينيين كوطن بديل، كما كانت نفس الجهات قد اخافت الملك حسين قبل ذلك بان الاردن هو الوطن البديل، فدافع الملك حسين عن “ملكه” بشراسة، كما دافع المسيحيون عن وطنهم بشراسة، وكان كيسنجر قد قال بشكل واضح للرئيس سليمان فرنجية عام 1975: لماذا تحاربون؟ لماذا السلاح والدماء؟ هذه الباخرة تنتظركم: يمكن للموارنة ان يعيشوا افضل حياة في اميركا التي تتسع للجميع… وهكذا تلاعب المجتمع الدولي، كما يُسمى، بالعقول والمواقف والخلفيات، وكأن الجميع احجار شطرنج يحركونها كيفما يشاؤون.

نحن لا نعلم  حتى الآن ان كان الاميركي ومعه المجتمع الدولي، قد اتخذوا قرارا حقيقيا بالوطن البديل ونحن نشك بذلك، لان اسرائيل نفسها لن تقبل ان يكون الفلسطينيون على حدودها ولاسباب كثيرة ايضا، ولكنها كانت فزاعة يثيرون بها الغرائز ويوهمون من يشاؤون بما يشاؤون، ونؤكد هنا ان هذه الفكرة كانت وقود الحرب الاهلية اللبنانية والدافع الذي اوقد نار الحرب خلال ١٥عاما او يزيد.

المهم الآن ان بعض من تعامل  مع اسرائيل تحت حجج متعددة لا يزال ينظر اليها كخصم في احسن الاحوال وليس كعدو ، كما ان هنالك من ينظر اليها كحليف دائم محتمل، رغم المجازر التي ارتكبها الصهاينة بالمسيحيين او تسببوا بها في الجبل عام ١٩٨٣ وفي شرقي صيدا عام ١٩٨٥، او كما تعاملوا مع العميل انطوان لحد واهملوه ورفضوا دخول جنوده الى الداخل المحتل عام 2000 الا بعد وساطات دولية… الخ.

نقول رفض بشير الجميل ان يعلن السلام مع اسرائيل حين انتخابه ، ليس نابعاً من موقف وطني او عقيدي بل خوفا من ان يُطرد اللبنانيون العاملون في الخليج اذا ما وقّع لبنان صلحا مع الصهاينة (كان الخليج وقتها لا يزال يتمتع بشيء من الوطنية)، وكانت الاجواء العربية لا تزال ترفض فكرة التطبيع والاستسلام.

كما رفض بشير الجميل ان يتولى “تنظيف” بيروت من بقايا المقاومة الفلسطينية لانه مرشح لرئاسة الجمهورية فكيف يقتل مواطنيه؟ ولم يكن يعلم ان قصة عمالته ستكشف بهذا الوضوح والله اعلم.

فكانت المجزره، اغتيال بشير الجميل، (وهنا نؤكد لو ان اسرائيل لو علمت بخطة اغتيال بشير الجميل فلن تقف في وجهها لان العميل ينتهي دوره عند تأدية الدور الذي طلبه الاحتلال منه، كذلك لو علم الصهاينة بخطة اغتيال انور السادات لم يكونوا ليقفوا في وجهها لان دوره انتهى فقد وقع كامب ديفيد، اما بالنسبة لبشير الجميل فكان المطلوب ان يكون غطاء للاجتياح فقط)، ثم حصار صبرا وساتيلا، اغتيال الشخصيات الفلسطينية المثقفة والفاعلة وفق لوائح اسمية حيث دخلت فرقة متخصصة من الصهاينة على البيوت في صبرا وشاتيلا وقتلت الاطباء والمهندسين والاختصاصيين وسائر النخب الفلسطينية الذين لم يغادروا في البواخر مع المسلحين، وفي الليلة الثانية تم تسليط ميليشيا سعد حداد على المخيم، تم استقدامهم من الجنوب بطائرات الهليكوبتر، وفي الثالثة فرقة (التيوس) من القوات اللبنانية التي كانت تابعة لايلي حبيقة ، وكانت مجازر مروعة.

المؤسف كان الاستنكار لفظيا وشكليا من كل الجهات في العالمين العربي والاسلامي وسائر دول العالم: المكان الوحيد الذي حصلت فيه مظاهرات حاشدة هو تل ابيب، حيث تظاهر حوالي ٤٠٠ الف صهيوني استنكارا للمجزرة ، كان ذلك ضمن التنافس بين حزبي العمل والليكود، وكان على اشده… الخ.

حتى لا تعود صبرا وشاتيلا باشكال اخرى ، علينا ان نتفق ان العيش المشترك في لبنان لا يمكن ان يبنى الا على اساس التأكيد على خطر الصهيونية واسرائيل على المسيحيين قبل المسلمين، كما ينبغي ان يكون الموقف واضحا من كل من يدعم اسرائيل… ولا ينبغي ان يقال بأي حال من الاحوال مثلا: لسنا ضد ان يعيش اليهود بسلام في فلسطين، او ان تعتبر رموز العمالة رموزاً للوطنية وللانتماء “الصحيح” للبنان كما يزعمون …الخ.

كما على الجميع ان يؤيد المقاومة التي تحمي لبنان وتحمي السيادة ريثما يبنى جيش قادر على القيام بهذه المهمة، وعليهم الا يعمدوا الى اختراع الحجج الواهية التي يختبئون خلفها ليسيؤا للمقاومة باختلاق الاكاذيب والاوهام.

ان الاصلاح لن يكون الا على اساس وضوح الرؤية والا فاننا نلهو ونلعب في الوقت الضائع.

 

ومن هنا نرى ان ردود الفعل على “المازوت الايراني” مضحكة مبكية: يتحدث البعض عن السيادة وعن خرق قوانين الدولة، فيما انهم لا يرون ذلك في التدخل الاميركي او الاحتلال الصهيوني او التبعية لدول غربية تتربص شرا بلبنان.

نقول للمقاومة انت تأتين بالخير للبنان سواء في الدفاع عن الحدود او في مواجهة المؤامرات المتعددة كؤامرة التكفيريين او في ايصال الخير من خلال الوقود وغيره، كما من خلال المساعدات التي قدمت للمتضررين من انفجار التليل، ومن يرفض الخير فانه يدين نفسه وهنا ينبغي ان ينتهي الجدال العقيم… ان الموقف المعارض لادخال المازوت والوقود الايراني ليخفف معاناة الناس، يذكرنا بشكل او بآخر باولئك العملاء الذين تعاملوا مع العدو في مجزرة صبرا وشاتيلا، وان كان التشبيه ليس دقيقاً، ولكنه يذكر بذلك.

————-

كما نقول للتجار في هذه الايام الصعبة وفي ظل تلاعب قيمة الليرة اللبنانية ازاء العملات الاجنبية بان (التجار يبعثون يوم القيامة فجارا الا من اتقى واصلح وابر، وان التاجر الامين الصدوق معي كهاتين يوم القيامة)، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم حيث اشار باصبعيه السبابة والوسطى يقربهما.

لن تفلح وزارة الاقتصاد ولا اية مراقبة اذا لم يتحل التاجر بالاخلاق التي تردعه عن الظلم وعن رفع الاسعار دون التزام بالقوانين والمصلحة العامة.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 17-9-2021: https://youtu.be/Rh5Pnt-ez48

 

مقالات ذات صلة